ما هو المرض الجنسي الذي أصيبت به موناليزا؟


هل كانت الموناليزا مصابة بأحد الأمراض الجنسية؟ إذاً لماذا اشترت ماء الحلزون بعد 10 سنوات من رسم صورتها الشهيرة؟ وما سرّ الضوء الأخضر في اللوحة الغامضة؟ أسئلة كثيرة عن اللوحة التي ما زالت لغزاً بعد أكثر من 5 قرون من رسمها، يثيرها الكاتب والناقد الفني البريطاني جوناثان جونز. في مقاله المنشور في صحيفة "الغارديان" البريطانية، يحاول جونز الربط بين هذه المعطيات لإلقاء المزيد من الضوء على تحفة العبقري ليوناردو دافنشي الغامضة.

ما السرّ وراء لوحة الموناليزا؟ انها تبتسم ابتسامة محيِّرة للغاية تحت حجابٍ حريري وشفافٍ لكنه غير مرئي، يغطي شعرها بالكامل، وتُدير عينيها البُنِّيتَين وكأنّها تنظر إلى شخصٍ ما دخل في مجال رؤيتها. دائماً ما ارتبط سحر وشهرة هذه اللوحة، التي بدأ الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي في رسمها عام 1503، بالشخصية الغامضة المرسومة عليها. فقد زعم الفنان الإيطالي جورجيو فاساري في القرن السادس عشر أن ليوناردو استعان ببعض الموسيقيين والمهرّجين ليجعلوا الموناليزا تبتسم. وظنّ الكاتب البريطاني والتر بيتر في العصر الفيكتوري أنّ الموناليزا تشبه "مصاصي الدماء".

أمّا بعض الآراء المعاصرة، فترى أنّ وجهها يحمل ملامح ثنائية الجنس، وأول من لاحظ هذا الأمر هو الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب، وفقاً لما جاء في "الغارديان". أمّا جونز فلديه نظرية جديدة: ربما كانت الموناليزا مصابة بمرض الزهري.

تبدو هذه اللوحة وكأنّها صورة خيالية، مشهد غير واقعي، ولكنّها لوحة لإحدى الشخصيات الحقيقية. كانت ليزا غيرارديني زوجة لتاجر فلورنسي اسمه فرانشيسكو ديل جيوكوندو. وهناك مصادر يعود تاريخها لتلك الفترة، من بينها ملاحظة كتبها أحد الموظّفين في الحكومة الفلورنسية بقصر فيكيو عام 1503، لم تدع مجالاً للشك في أنّ الموناليزا كانت إحدى عارضات ليوناردو (وليست، كما اعتاد مؤرخو الفنون أن يزعموا أنها واحدةٌ من نساءِ الطبقة الراقية). إذا كانت الموناليزا زوجة تاجر يعيش في فلورنسا، وعاصرت مكيافيلي، ومايكل أنجلو، والمستكشف فسبوتشي. هل يمكننا معرفة شيء آخر عنها؟

لم يتبقَ سوى وثائق قليلة لا تُقدِّم إلا لمحات عن حياة الموناليزا. على سبيل المثال، سُجِّل اسم الموناليزا في دفتر بأحد الأديرة في فلورنسا وهي تشتري مياه الحلزون من صيدلية الدير. والاستخدام الأساسي لمياه الحلزون في الطب القديم كان يتمثل في علاج الأمراض المنقولة جنسياً، ومن بينها الزهري.

ربما كانت الطبيعة المُقززة والعقابية لهذا الخليط هي التي جعلته يبدو علاجاً لاذعاً. ظلّت مياه الحلزون تُستخدم حتى القرن الثامن عشر، وأوردت الكتب التي أُلِّفَت في هذه الفترة نصوصاً محددة جداً في الإشارة إلى الفائدة الطبية لمياه الحلزون. لنفترض أنها كانت مصابة بالفعل بأحد الأمراض المنقولة جنسياً في عام 1503، بِمَ سيُخبرُنا ذلك عن أشهر لوحة رسمها ليوناردو؟ 

عندما وقفت الموناليزا أمام ليوناردو في عام 1503، كان مرض الزهري مستفحلاً في أوروبا حتى النخاع. وقال البعض إنّ هذا المرض الجديد انتقل إلى أوروبا عن طريق أحد البحّارة الذين عملوا تحت قيادة كولومبوس في عام 1492. وانتشر المرض كالنارِ في الهشيم؛ هل يمكن أن تكون هناك إشارة إلى هذا المرض في اللوحة الأكثر شهرةً لدافنشي؟ تظهر الموناليزا في اللوحة أمام منظر طبيعي تسوده التلال التي تتخللها طُرق ملتوية تظهر في نهايتها مياه وجبال. ربما تُشير الجبال البعيدة عبر المياه الواسعة والزرقاء إلى العالِم الجديد، مصدر سر الموناليزا. 

عندما قارن والتر بيتر الموناليزا بمصّاصي الدماء، كان يُلمِّح إلى شيء مُخيف ومَرَضي في تُحفة ليوناردو الفنية، وهو ارتباط الجنس بالموت. ربما لم يكن ذلك مجرد خيالٍ فيكتوري مُبالغ فيه من والتر، إذ كانت هناك ظلال حقيقية للموت في اللوحة. حين رسم الفنان الأميركي أندي وارهول نسخة من الموناليزا باللونين الأبيض والأسود في عام 1963، اكتشف المقدار الكبير للون الأسود الذي استخدمه ليوناردو تحت اللونين الذهبي والبُنّي، واستَخدمه كذلك في تحديدهما بلوحتِه المُعقَّدة.

تُزيد تُجمُّعات الظِلال الداكنة والمنتشرة على وجه الموناليزا من جمالها، ولكنّها تُشير كذلك إلى حزنٍ دفينٍ وراء ابتسامتها غير المكتملة. وتبدو الهالات الداكنة المحيطة حول عينيها غير صحية. وقد يشير الضوء الغريب المائل إلى الأخضر الذي يحيط بها إلى جوٍّ خانقٍ من المرض.

إذا كانت لوحة الموناليزا تُمثِّل إحدى الشخصيات المُصابة بمرضٍ منقول جنسياً، ستتحول هذه التلميحات الخاصة بالمرض والموت إلى تلميحات منطقية فجأةً. وبالنسبة لابتسامتها غير المكتملة، فستُصبح اعترافاً ساخراً بأن الجنس قد يصيبك بالمرض.