حمى الأرانب Tularemia مرض خطير جدا على الإنسان


حمى الأرانب أو "التلريات - Tularemia" من الأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان وتؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة إذا لم تعالج جيداً وبسرعة. ومن اسمه يتضح أن الأرانب مصدر هذه الجرثومة التي تسبب هذا المرض، إضافة إلى بعض الحيوانات الأخرى.
ويصنّفه المتخصصون من الأمراض المُعدية التي تهاجم الثدييات، ولايفرق بين كبير أو صغير، فيصيب جميع الأعمار، كما أنه لاينتقل من شخص مريض إلى آخر سليم فقط؛ بل ينتقل إلى الإنسان عبر الحيوانات الثديية مثل الفئران، والأرانب، والسناجب، والغزلان.
ذكرت بعض الأبحاث أن حمى الأرانب يمكن أن تصيب الطيور، والأسماك، والزواحف. وأحياناً يطلق عليه مرض حمى الذبابة، ويشبه في أعراضه مرض حمى التيفوئيد، كما يشير بعض الأخصائيين إلى أن بعض أعراضه تتشابه أيضاً مع حالات الإصابة بالتسمم.
وسنعرض أنواع المرض بالتفاصيل مع أعراض كل نوع، إضافة إلى كيفية انتقاله إلى الإنسان، وطرق الوقاية والعلاج منه.


مخالطة الحيوانات المصابة :

وتوضح الدراسات أن مرض حمى الأرانب تسببه بكتيريا تسمى «الفرانسيزيلا تولارانسيس»، وتنتقل إلى الإنسان أثناء تعامل ومخالطة الحيوانات المصابة. وهناك إمكانية انتقال هذا المرض عبر قرص لدغ الحشرات، وأيضاً عبر تناول بعض الطعام الملوث بهذه البكتيريا، أو المياه التي تحتوى عليها، وهو من الأمراض المُعدية بدرجة عالية، وقد يصل الضرر إلى التأثير على الجهاز العصبي المركزي، كما حدثت مع بعض الحالات، وتسببت في حدوث الوفاة نتيجة الإهمال في العلاج.



المناطق الريفية :
وتتوقف خطورة المرض على المكان الذي تهاجمه هذه الجرثومة. ومن المعتاد أن ينتشر هذا المرض في المناطق الريفية أكثر من المناطق الحضرية، وغالباً ما تكون هناك بعض المؤشرات التي تدل على وجوده، مثل حدوث النفوق الجماعي للحيوانات المصابة بالجرثومة، فقد يلاحظ بعض الأشخاص الذين يربون الأرانب نفوق أعداد كبيرة منها، وأحياناً يلاحظ الأشخاص وجود أعداد كبيرة من فئران الحقل ميتة، فتصبح مصدراً للعدوى بهذا المرض، ويمكن أن تلوث المزروعات أو المياه بهذه الجرثومة التي تنقل المرض.


القرادة :
وتسببت القرادة في إصابة العديد من الحالات بمرض حمى الأرانب التي لاتنتمي لجنس الحشرات، لكنها تنتمي إلى المفصليات صغيرة الحجم، وهي من الطفيليات التي تعيش على الحيوانات الأخرى، وهي من الكائنات مفصلية الأرجل التي تنتمي إلى جنس العناكب والعقارب، وتنتشر على أجسام الحيوانات الثديية بأنواعها المتعددة.
وكما تهاجم الحيوانات، فهي أيضاً تهاجم الإنسان وتلدغه، وتنقل إليه الأمراض، كما أن الذبابة الصفراء من عوامل الإصابة بهذا المرض، وبنوع محدد منه يسمى «حمى أرانب القرح الجلدية»، كما يمكن أن تنتقل هذه العدوى للعاملين في المختبرات والمعامل بسهولة، فضلاً عن انتقالها عبر الهواء الملوث بالجرثومة، فهذه البكتيريا موجودة في التربة ومن السهل أن تصل إلى الإنسان عن طريق التنفس.


فترة الحضانة :
وهناك العديد من الأعراض التي يسببها مرض حمى الأرانب، فبعد فترة الحضانة التي تختلف حسب نوع المرض الذي تسببه البكتيريا، هناك نوع من المرض يظهر بعد ساعات من حصانة الجرثومة، وأنواع أخرى تمتد إلى أيام، وهناك نوع تصل فترة الحضانة فيه إلى ما يقرب من 23 يوماً ثم تظهر الأعراض.
فمثلاً حمى أرانب القرح الجلدية، يعتبر من أكثر أنواع هذا المرض شيوعاً، وتتمثل أعراضه في الإصابة بالعديد من القرح الجلدية في أماكن العدوى المصابة بالفيروس، وعادة ما تكون الإصابة بسبب عض حيوان مصاب، أو لدغ حشرة، أو قرص قرادة، وتسبب ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم، وإصابة بالصداع الحاد، وينتاب صاحبها شعور بالرعشة، وتصيب الجسم بحالة من التعب، والهمدان، والخمول، والإرهاق، فضلاً عن ورم في الغدد الليمفاوية مع الإحساس بألم حاد يصدر من هذه الغدد.


تشابه الأعراض :
أما النوع الثاني من هذا المرض فهو حمى الأرانب الغدية، وأعراضه مشابهة ـ إلى حد كبير ـ للنوع الأول، غير أنه لاتحدث أعراض القرح التي تصيب الجلد.
وتتلخص أعراض النوع الثالث من هذا المرض في إصابة العين باحمرار شديد، وشعور بألم حاد، وحدوث تورمات وانتفاخات مصاحبة لظهور نوع من الإفرازات الغزيرة، وتظهر أعراض تقرح في الجفون من الداخل. أما النوع الرابع فهو حمى الأرانب الرئوية، التي تصيب الرئتين وخاصة عند المسنين، وبعض الأشخاص المصابين بنوع من حمى الأرانب التيفودية.
وغالباً ما تظهر لدى هؤلاء الأشخاص أعراض الإصابة بمرض الالتهاب الرئوي، المتمثلة في صعوبة حادة بالتنفس، مع إحساس بوجع في الصدر، وسعال مستمر، وتكون البلغم بكثافة، وغيرها من أعراض الالتهاب الرئوي العادي.

نوعان إضافيان :
ويتميز النوع الخامس من حمى الأرانب التيفودية ـ الذي يعد من أخطر أنواع المرض ـ بقليلة الحدوث مقارنة بالأنواع الأخرى. ومن أعراضه الواضحة الإصابة بحالة من التقيؤ المصحوبة بالإسهال، ويمكن أن تسبب جفافاً إذا استمر الإسهال والقيء، كما يصاب الشخص بارتفاع حاد في درجات الحرارة (الحمى)، وبالتالي التعرق الشديد؛ أي أن كل عوامل الإصابة بالجفاف متاحة ويمكن الإصابة به، ويحدث تضخم في الكبد والطحال.
وكما أشرنا، فإن هؤلاء الأشخاص غالباً ما يصابون بالالتهاب الرئوي أو أعراض حمى الأرانب الرئوية. ويصاب الشخص بحالة من الكسل والإرهاق، والتعب الشديد.
أما النوع السادس من حمى الأرانب فيصيب الحلق، وهذه الحالة أو هذا النوع، غالباً ما يكون سبب الإصابة به تناول بعض لحوم الحيوانات المصابة، التي لم يتم طهيها بصورة جيدة ولم تمُت البكتيريا التي بها. كما يمكن أيضاً أن تكون الإصابة من خلال تناول المياه الملوثة بهذه الجرثومة، وبالتالي تدخل البكتيريا إلى الجهاز الهضمي وتسبب أعراضاً مثل الإصابة بالتقيؤ المصاحبة لنوع من الإسهال الحاد، والاحتقان الشديد في الحلق، ما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الشخص المصاب بشكل ملحوظ.


المضاعفات :
وعلى الرغم من إمكانية السيطرة على مرض حمى الأرانب بأنواعها؛ إلا أنه في حالة عدم التشخيص الجيد، وتقديم العلاج المناسب للحالة المصابة، يتفاقم المرض ويسبب بعض المضاعفات المرضية التي قد تؤدي إلى حدوث الوفاة.
ومن المضاعفات التي يمكن أن تحدث الإصابة بمرض الحمى الشوكية، وهو نوع من الأمراض الخطيرة تسبب تهديداً لحياة المصاب، حيث تصيب الغشاء السحائي، والسوائل التي تحيط بالمخ، والحبل الشوكي، وتسبب ارتفاعاً حاداً في درجة حرارة الجسم، وإصابة الرقبة بحالة من التيبس، والشعور بصداع قاس ومستمر، وإصابة برهاب الضوء؛ أي الحساسية والخوف من الضوء.
وتكمن خطورة هذا المرض في أنه إذا لم يعالج بصورة سريعة، فإنه يؤثر على خلايا المخ، وقد يُتلف بعضها، أويصيبها بالإعاقة، أو ربما يصل الأمر إلى الوفاة بعد عدة أيام فقط.

الجهاز التنفسي :
ويسبب مرض حمى الأرانب مضاعفات الإصابة بمرض الالتهاب الرئوي الحاد، ما قد يعجل من الإصابة بفشل الجهاز التنفسي، وفي هذه الحالة لاتستطيع الرئة أن تحصل على ما يكفيها من الأوكسجين اللازم للعمليات الحيوية في الجسم.
وفي بعض الحالات قد تكون المضاعفات حدوث التهابات في الغشاء الذي يغلف القلب ويحيط به، فهذا المرض يحفز ويستثير الغشاء الرقيق الذي يحيط بالقلب من كل جانب؛ ما يؤدي إلى حدوث التهابات بهذا الغشاء.
ومن المضاعفات التي يمكن أن يسببها مرض حمى الأرانب أيضاً، حدوث أوجاع حادة في العظام، وألم في المفاصل القريبة من موضع الإصابة، وحدوث ندبات مفتوحة في المناطق التي أصيبت.

المرض تحت السيطرة :
تكشف نتائج الأبحاث التي أجراها المركز البريطاني المتخصص في مقاومة الحميات أن العلاج سهل، ويمكن السيطرة عليه بصورة كبيرة، حيث توجد المضادات الحيوية المناسبة لكل نوع، وتحقق درجات عالية من الشفاء، ويتم حقن هذه المضادات في الوريد، وهناك أيضاً التي يمكن أن يتناولها المريض عن طريق الفم، وبعض الأبحاث تقول إن الإصابة بمرض حمى الأرانب يعطي حصانة للشخص المصاب، ولن يهاجمه المرض مرة أخرى، ولكن بعض الأبحاث سجلت حالات تماثلت للشفاء، ثم عاد المرض. وتنصح باتخاذ بعض الخطوات للوقاية، مثل التعامل مع الحيوانات في المزارع بحرص، وارتداء الملابس الواقية عند العمل في الحقول، وغسل اليد بصورة دائمة بعد التعامل مع الحيوانات أو فى الزراعة، وترك لحوم الحيوانات تُطهى فترة كافية، وعدم اختلاط الحيوانات الأليفة بحيوانات الحقل، والعناية بنظافة هذه الحيوانات بصفة دائمة، وأخيراً من المهم الوقاية من حشرة القرادة التي تسبب نقل العدوى إلى الإنسان مثل استعمال بعض المنتجات التي تقضي عليها، وكذلك محاولة تنظيف الحيوانات من هذه الحشرة.

المصدر : يومية الخليج